للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}: فإنه لا يَفنَى ولا يتكدَّر، وهو كثيرٌ على عملٍ قليلٍ مقدَّر.

* * *

(١٩٦) - {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ}.

وقوله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ}: قيل: الخطاب لكلِّ مكلَّف؛ أي: أيُّها السامع.

وقيل: هو للنبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ثم هو وإن كان لا يغرُّه تقلُّبُهم وكان معصومًا عن ذلك، فله وجوه قد ذكرناها عند قوله عز وجل: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ} [البقرة: ١٢٠]: أن خطابه خطابٌ لأمته، ولأن العصمة لا تزيل النهيَ، فإنه لو زال النهي عنه بذلك لبَطلت العصمة، فإن العصمة هي الحفظ عن الخلاف، وإذا زال النهي لم يكن خلافًا فلم تكن (١) عصمةً.

ومعنى الآية: لا تغترُّوا (٢) بتصرُّف هؤلاء الكفار واليهود الذين مرَّ ذكرهم في بلاد اللَّه كيف شاؤوا، لا (٣) يؤاخذون بكفرهم وباضطرابهم فيها لاكتساب الأموال والاستكثار منها، ولا تقولوا في أنفسهم: ما لهم آمنين أغنياء متمكِّنين وهم كفارٌ مبطِلون ونحن خائفون مُقِلُّون مع أنَّا مؤمنون مُحِقُّون.


= {وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ}؛ أي: مُثابين، وقيل: إنه بدل من {جَنَّاتٍ} على تضمين {وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ} معنى: ولأعطينهم، وقال الكسائي: إنه منصوب على القطع. وفسر بعضهم القطع بالنصب على الحال. انظر: "البحر المحيط" (٦/ ٣٦٨).
(١) في (ر): "فلم يكن"، وفي (ف): "فلا تكن".
(٢) في (ف): "تغتر".
(٣) في (أ): "ولا"، وفي (ف): "وأن لا".