للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عن ذلك، فقلن عند ذلك: فلهم (١) من الوِزر على قَدْرِ ما فضِّلوا به من (٢) الميراث، فنزل: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} (٣).

وقال قتادةُ: لمَّا جُعل حظُّ الذكر مثلَ حظِّ الأنثيين في الميراث قال الرجال: نرجو أن تكون حسناتُنا مثلَي حسناتهنَّ، وقالت النساء: نرجو أن تكون سيئاتُنا على النصف من سيئاتهم، فنُهوا جميعًا عن ذلك، فنزلت الآية (٤).

وقيل: هذا لطفٌ في النهي، وتنبيهٌ أنه لا يضرُّهم تفضيل بعضهم على بعضٍ في الأموال إذا كانوا متساوينَ في ثواب الأعمال.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: يحتمِل أن يكون هذا التمنِّي في الدِّيانة، ويحتمِل أن يكون في النِّعم الدنيوية:

أمَّا في الديانة: فأنْ يتمنَّى أحد أن يكون قَدْره مِثْلَ قَدْرِ آخَرَ عند الناس من العلم والزهد (٥) وغيرِ ذلك، فنهي أن يتمنَّى ذلك؛ إذ لم يبلغ هو ذلك المبلَغَ إلا لاحتمال المكاره والمشاقِّ والجهد (٦).

وفي الدنيوية: هو أن يتمنَّى مالَ أخيه وزوجتَه وخدَمه، وهو كفرانٌ بما أنعم اللَّه تعالى عليه من سائر النعم.

ويحتمِل أن يكون هذا على ما خاطَب به رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ


(١) في (أ) و (ف): "لهم".
(٢) في (أ): "بعض"، بدل: "به من".
(٣) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٩٣٦)، وانظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٣٦٩).
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٢٩٩).
(٥) في (ر) و (ف): "من الدين والعلم".
(٦) في (ر) و (ف): "والمشاق وغير ذلك من الجهد" والمثبت من (أ) و"التأويلات".