للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الموصوفاتُ بالصَّلاح هنَّ المطيعاتُ للَّه تعالى، والرَّاعياتُ حقوق الأزواج في غيبتِهم، فيحفظنَ أنفسهنَّ عن الغيرِ، ويَحفظنَ أموالَ الأزواجِ أيضًا، ودلَّ على أنَّ الصَّلاحَ هو أداءُ حقِّ اللَّه تعالى وحقِّ الخلق.

وقوله تعالى: {بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}؛ أي: ذلك بحفظِ اللَّهِ وعونِه، كما في قوله تعالى: {بِمَا غَفَرَ لِى رَبِّي} [يس: ٢٧]؛ أي: بمغفرتِه، فإنَّ "ما" مع الفعل بمعنى المصدرِ، ودلَّ على صحَّة مذهب أهلِ السُّنَّة والجماعة في إثباتِ الفعلِ مِن العبدِ والمعونةِ من اللَّه.

وقيل: {بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}؛ أي: بما ألزمهنَّ اللَّهُ مِن حفظِ ذلك بأمرِه، وهو إضافةُ فعلِ الفاعلِ إلى الآمرِ به، وأضمر هاهنا: فأحسنوا إليهنَّ، وكذا هو في مصحفِ عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه (١).

والنوع الثاني: وهو قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ}؛ أي: تَخشون ترفعهنَّ بالمخالفة؛ لعلمكم بالأعمال (٢) المؤدِّيةِ إليه. قاله محمد بن كعب القرظيّ.

وقوله تعالى (٣): {فَعِظُوهُنَّ} قال ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما: عظوهنَّ (٤) بالكتابِ والسُّنَّة (٥).


(١) روى الطبري في "تفسيره" (٦/ ٦٩٥)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٩٤١) (٥٢٥٨) عن ابن مسعود رضي اللَّه عنه أنه قرأ: "فأصلحوا إليهن". قال أبو حيان في "البحر المحيط" (٧/ ٣٨): وينبغي حملُها على التفسير؛ لأنَّها مخالفةٌ لسواد الإمام، وفيها زيادة، وقد صحَّ عنه بالنقل الذي لا شك فيه أنه قرأ وأقرأ على رسم السواد، فلذلك ينبغي أن تُحمَل هذه القراءة على التفسير.
(٢) في (أ): "بالأحوال".
(٣) بعدها في (ف): "واللاتي تخافون نشوزهن".
(٤) لفظ: "عظوهن" من (ف).
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (٦/ ٦٩٨)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٩٤١، ٩٤٢) (٥٢٦١)، (٥٢٦٤)، واقتصر فيهما على ذكر الكتاب دون ذكر السنة.