للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}؛ أي: إنَّ اللَّهَ مع عُلُوِّه وكبريائِه لا يؤاخِذُ بأوَّل الحال، ويدعو (١) إلى التَّوبة، ويَقبلُ إذا تابَ (٢)، ولا يؤاخِذُ بما قد كان، فالعبدُ أحقُّ بذلك.

وقيل: ذكر (٣) علوِّه وكبرياءِه في آخرِ هذه الآية تنبيهٌ للعبدِ، ومنعٌ له عن مجاوزةِ الحدِّ فيما يُقيمُه عليها على وجهِ التَّأديب.

وقال مقاتل: نزلَت الآيةُ في سعدِ بن الرَّبيعِ بنِ عمرو، وهو مِن النُّقباء، وفي امرأته حبيبة بنتِ زيد بن أبي زُهير، وهما من الأنصار -وقال الكلبيُّ: بل امرأتَه بنتُ محمَّد بنِ مسلمة (٤) - وذلك أنَّه لطمَها، فانطلقَ أبوها معها إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: أنكحتُه كريمَتي، فلطمها، فأمرَها النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالاقتصاصِ، فلمَّا همَّت بالاقتصاص، أبصر (٥) النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جبريلَ يَنزل، فقال لها: كُفِّي، حتَّى انظرَ ما جاءَ به جبريلُ في أمرِك، فنزلَ بهذه الآية، فقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أردنا أمرًا، وأراد اللَّهُ أمرًا، والذي أرادَ اللَّهُ خيرٌ ممَّا أردناه" (٦).

* * *

(٣٥) - {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}.

وقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ} (٧) الخطابُ لولاة الأمرِ، ولقُضاة العصر.


(١) في (ف): "يؤاخذنا. . . ويدعونا".
(٢) في (ف): "تبنا".
(٣) في (ر) و (ف): "ذكره".
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٣٠٢).
(٥) في (أ): "أخبر".
(٦) في (أ): "أردنا". وانظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٣٧٠).
(٧) بعدها في (ف): "شقاق بينهما".