للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا}؛ أي: مضيئًا يُبيِّنُ الحقَّ مِن الضَّلال، وهو القرآن.

* * *

(١٧٥) - {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}.

وقوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ} قال ابنُ جُرَيج: أي: تَمسَّكوا بالقرآن (١). وقيل: أي: امتنعوا باللَّه.

وقوله تعالى: {فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ} قال الكلبيُّ: أي: في الجنَّةِ ونعيمِها، سمَّاها رحمةً؛ لأنَّها تُنالُ برحمته، كما يُسمَّى المطرُ رحمةً، وسمَّى نعيمَها فضلًا؛ لأنَّه بفضلِهِ يُنال.

وقوله تعالى: {وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}؛ أي: إلى طلبِ رضوانِه طريقًا قيِّمًا.

وقال الإمامُ القشيريُّ: {قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ} البرهانُ: ما لاحَ في سرائرِهم مِن شواهد الحقِّ، والنُّورُ المبينُ: هو خطابُه الذي في تأمُّلِهم معانيَهُ حصولُ الاستبصار، قوله تعالى: {فَسَيُدْخِلُهُمْ} السِّينُ للاستقبال؛ أي: يحفظُ عليهم إيمانَهم في المآلِ، كما أكرمَهم بالعرفانِ في الحال، وقوله: {وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}؛ أي: يُكرِمُهم بأنْ يَعرِفوا بأنَّ الهدايةَ مِن اللَّه لهم فضلٌ، لا باستحقاقِهم ذلك بطلبِهم وجهدِهم فعلًا (٢).

* * *


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٧/ ٧١٢).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٣٩٥).