للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أختٌ؛ أي: لأبٍ وأمٍّ، أو لأبٍ؛ فإنَّ الأختَ لأمٍّ حكمُها غيرُ هذا، وقد ذكرنا ذلك في آية الميراث في أول السُّورة.

قوله تعالى: {فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ}؛ أي: فرضُها نصفُ تركَةِ (١) أخيها.

وقوله تعالى: {وَهُوَ يَرِثُهَا}؛ أي: الأخُ، لو بقيَ وهلكَت الأختُ، فالأخُ يرثُها، ولمَّا أُطْلِقَ عُلِمَ أنَّه يَستحقُّ كلَّ تركتِها بالعصوبة.

والآية نزلَت في طريقِ مكَّة، ورسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرجَ في حجَّة الوداع، فأتاهُ جابرُ بن عبد اللَّه الأنصاري وقال: إنَّ لي أختًا، فكم آخذُ مِن ميراثِها إنْ ماتَت، فنزلَت الآيةُ، وابتدأ بموت الرَّجل (٢).

ويقال: إنَّ جابرًا قد مات قبلَ أختِه، فورِثَتهُ، وفيه عظةٌ، فرُبَّ متربِّصٍ موتَ غيره وهو يموت قبله.

وقد رويَ خلافُ ذلك، قال مقاتل: مرضَ جابرُ بنُ عبدِ اللَّه بالمدينة، فأتاهُ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عائدًا، فقال: يا رسولَ اللَّه، إنِّي كلالةٌ؛ لا والدَ لي ولا ولد، فكيف أصنعُ في مالي؟ فأنزل اللَّه هذه الآية: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ} الآية (٣).

ورويَ عنه أنَّه قال: مرضتُ، فأتاني رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يعودُني وأبو بكرٍ الصدِّيقُ رضي اللَّه عنه معه، فوجدني قد أغميَ عليَّ، فتوضَّأ فصبَّ وَضوءَهُ عليَّ، فأفقتُ


(١) في (ر): "ما ترك" بدل: "تركة".
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٣/ ٤٢١) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وهو إسناد تالف.
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٤٢٦).