للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الأعراف: ١٧٢]؛ أي: لئلَّا يقولوا، {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} [النحل: ١٥]؛ أي: لئلَّا تميدَ بكم.

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}؛ أي: واللَّه عالمٌ بكلِّ شيءٍ من مصالحِ عبادِه، فهو تنبيهٌ لهم، ولا يتركُهم سدى، وبيَّن في هذه الآيةِ حكمَ الأختين، ولم يُبيِّن حكمَ الأخوات، وذكرَ في آيةِ أوَّلِ السُّورة حكم البنات (١)، ولم يُبيِّن حكمَ الابنتين تسويغًا (٢) للاجتهاد، وتجويزًا للقياس، فاستدلَّ العلماءُ باستحقاقِ الأختين الثُّلثين أنَّ الابنتينِ كذلك، واستدلُّوا باستحقاق البناتِ الثُّلُثين أنَّ الأخواتِ كذلك، وروي (٣) عن عمر رضي اللَّه عنه أنَّه قال: ما سألتُ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن شيءٍ (٤) أكثرَ ممَّا سألتُه عن الكلالة، ثمَّ طعن في صدري بإصبعه، فقال: "لا (٥) يكفيكَ آيةُ الصَّيف التي في آخر سورة النساء؟ " (٦).

قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: وفيه دلالةٌ أنْ (٧) قد يُترَكُ بيانُ ما يُدرَكُ بالاجتهادِ والنَّظر، فيُجتَهدُ فيدرَك؛ لأنَّ عمرَ رضي اللَّه عنه سألَه غيرَ مرَّةٍ عن ذلك، ولم يُبيِّنهُ، وأشارَ إلى الآية التي فيها ذكرُ ما سألَ عنه، ليَنظُرَ ويَجتهِد؛ ليدرك.

وفيه دليلُ جوازِ تأخرِ البيان؛ لأنَّ عمرَ رضي اللَّه عنه سألهُ غيرَ مرَّةٍ، ولم يُبيِّنه، حتَّى أمرَ بالنَّظر في الآية.


(١) في الآية (١١) منها.
(٢) في (أ) و (ر): "تسويفًا".
(٣) في (ر): "وقد روي".
(٤) قوله: "عن شيء" ليس في (أ).
(٥) في (ف): "ألا".
(٦) رواه مسلم في "صحيحه" (١٦١٧).
(٧) في (ف): "أنه".