للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

شيئًا، أتى الكاهن، فأعطاهُ ذلك، فضَربَ بها كما ضربَ عبدُ المطَّلب على زمزم وعلى عبد اللَّه والإبل (١).

ومعنى ضمِّ هذا إلى ما ذُبحَ على الأصنام أنَّ ذلك كان في الكعبةِ، وكان هذا أيضًا فيها، والاستقسامُ بها طلبُ القَسْم؛ أي: الحظِّ والنَّصيب مِن الأمرِ مِن جهتِها.

وقيل: الاستقسامُ بالأزلام هو القمارُ بقِداحِ المَيسِر.

وقال مجاهدٌ: هو كلُّ قمارٍ من اللَّعب بالكِعاب وغيرها (٢).

وقوله تعالى: {ذَلِكُمْ فِسْقٌ} أي: الاستقسام بالأزلامِ خروجٌ عن الطَّاعة، وارتكابٌ للنَّهي.

وقيل: يرجع ذلك إلى تناولِ كلِّ محرَّمٍ في هذه الآية.

وقال الإمام أبو منصور: دلَّت الآيةُ على بطلانِ العمل بالقُرعة (٣).

وقوله تعالى: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ} وهذا حثٌّ لهم (٤) على التمسُّكِ بما بيَّنَ لهم؛ مِن الوفاءِ بالعُقود، وتحليل المحلَّلاتِ، وتحريمِ المحرَّمات، خلافًا لما كان عليه المشركون، يقول: أعطيتُكم الغلبةَ عليهم، وقَهَرْتُهم (٥)، فلا مطمعَ لهم في تغييركم عن دينِكم.

وقوله تعالى: {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ}؛ أي: فلا تخافوهم وخافونِ في الثَّباتِ على أمري ونهيي والوفاءِ بعقودي.


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٨/ ٧٥ - ٧٦).
(٢) رواه بنحوه الطبري في "تفسيره" (٨/ ٧٤).
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٣/ ٤٥٤).
(٤) في (أ): "لكم".
(٥) في (ف): "وقهرتموهم".