للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولولا تحقيقُه لم يكن للدِّينِ قَبول، وقوله تعالى: {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} النِّعمة في الحقيقةِ ما لا يَقطعُك عن المنعم، بل يُوصِلُك إليه (١).

ثمَّ الدِّينُ مضافٌ إلى العبد في هذه الآية؛ لأنَّه سالكٌ (٢) طريقتَهُ، ويُضافُ إلى اللَّه؛ لأنَّه شارعٌ حقيقتَهُ، والنِّعمةُ مضافةٌ إلى اللَّه في هذه الآيةِ؛ لأنَّه مُعطيها، وتُضافُ إلى العبد أيضًا؛ لأنَّه المتقلِّبُ فيها.

وقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ}؛ أي: أصابَتْهُ الضَّرورةُ والحاجةُ إلى شيءٍ مِن هذه المحرَّمات في مجاعةٍ، فتناوله (٣)، هذا مضمرٌ.

وقوله تعالى: {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ}؛ أي: غيرَ متمايلٍ إليه قصدًا، أو متناولٍ منه إسرافًا، أو مُدَّخر منه اختيارًا.

وقوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}؛ أي: يَغفرُ له فلا يعاقبُه، ويَرحمُه فلا يُعذِّبُه.

والخمص: ضمورُ البطن، مِن حَدِّ: شَرُف، وعند الجوع يَضمرُ البطنُ، قال الأعشى:

تَبيتونَ في المشتى مِلاءً بطونُكم... وجاراتُكُمْ غَرثى يَبِتن خمائِصَا (٤)

ويتَّصِل هذا بأوَّل (٥) الآيةِ؛ فإنَّه استثنى حالةَ الضَّرورةِ عن حُرمةِ هذه الأشياءِ المذكورة.


(١) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٤٠١).
(٢) في (ر): "سلك".
(٣) في (أ): "فناوله"، وفي (ف): "فيتناوله".
(٤) انظر: "ديوان الأعشى" (ص ٣٦٦) - طبعة الرضواني.
(٥) في (ف): "بهذا أول" بدل: "هذا بأول".