للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تقليدُ قومٍ بما لا عِلم لهم به ولا اهتداءَ لهم فيه.

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: أي: إذا هتفَ بهم (١) داعي الحقِّ بالجُنوحِ إلى الصِّدقِ، صدَّهُم عن الإجابةِ ما مَرَنوا عليه من سُهولة التَّقليد، وإنَّ أسلافَهم لم يكونوا إلَّا في ضلالٍ بعيد (٢).

* * *

(١٠٥) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} نصب على الإغراء، بمنزلة قوله: احفظوا أنفسكم، بيَّن اللَّهُ تعالى في هذه السُّورة الحلالَ والحرامَ، وما يَلزمُ الوفاءُ به مِن عقودِ الدِّين، وما لا يَلزم، وأخبرَ أنَّه ليس على رسولِه إلَّا البلاع، فإذا بلَّغَ فقد أدَّى ما عليه (٣)، وإذا قيل لهم تعالوا (٤) إلى حكمِ اللَّه ورسولِه، فلم يَأتوا، لم يَضرَّهُ إصرارُ أولئك، وكذا لا يَضرُّ المؤمنين ضلالُ الكافرين؛ إذا كانوا في أنفسِهم مهتدين، وهو أن يكونوا مؤمنين بكلِّ الطَّاعات، مطيعين، وعن كلِّ المعاصي مُمتنعين؛ فإنَّ الهدايةَ تكونُ بالإيمان والطَّاعات، والاهتداءُ التام كذلك، وبه يَبطلُ قولُ مَن تَعلَّقَ بظاهرِ الآيةِ في أنَّه لا بأسَ بتركِ الأمر بالمعروف؛ فإنَّه (٥) لا يَضرُّ المطيعَ معصيةُ غيرِه؛ لما قلنا: إنَّ الاهتداءَ المطلقَ: هو العملُ بكلِّ الطَّاعات، ومن ذلك الأمرُ بالمعروفِ والنَّهي عن المنكر.


(١) في (أ): "فيهم".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٤٥٢).
(٣) بعدها في (ر): "وقوله".
(٤) بعدها في (ر): "ما أنزل اللَّه أي إلى".
(٥) في (ف): "وأنه".