للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: يُسَفِّهُهم عزَّ وجلَّ بما جَعلوا له من الشُّركاء، على إقرارٍ مِنهم أنَّه (١) خالقُ السَّماوات والأرض، ولم يجعلوا له شركاءَ في تخليقِهما، وعلى علمٍ منهم بتَعلُّقِ منافعِ الأرض بمنافع السماء، مع بعدِ ما بينَهما؛ أي: كيف جعلوا له شركاءَ يُشرِكونَهُم في العبادة (٢) والربوبيَّة، وهم يَعلمون أنَّه المتفرِّدُ بذلك كلِّه؟!

وقال: النُّور: ما يَكشِفُ عمَّا استترَ مِن أبصارِ الوجوه والقلوب، والظُّلمة: ما تَستُر (٣) وتُغَطِّي على أبصار الوجوه والقلوب (٤).

وقال الرَّبيعُ بنُ أنس: من أوَّلى السَّورة إلى قوله: {يَعْدِلُونَ} في التَّوراة ستُّ مئة آية (٥).

* * *

(٢) - {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ}.

وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا}؛ أي: هو اللَّه الذي خلق السَّماوات والأرضَ، والظُّلماتِ والنُّور: خلقَكُم مِن آدم، وآدمَ مِن تراب، وخلطَ ترابَهُ بالماء، فصارَ طينًا، ثمَّ صار حمأً مسنونًا، ثمَّ صلصالًا، ثمَّ بشرًا سويًّا.

وقال الإمامُ القشيريُّ رحمه اللَّه: أثبتَ القوالبَ مِن الطِّين، وأودعَها عجائبَ السِّرِّ، وأظهر عليها ما لم يَظهر على مخلوقٍ، فالعبرة بالوَصْل لا


(١) في (ف): "بأنه".
(٢) بعدها في (ف): "له".
(٣) في (أ): "ما تستتر"، وليست في (ر).
(٤) من قوله: "والظلمة ما تستر" ليس في (ف). وانظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٥ - ٦).
(٥) رواه عبد بن حميد كما في "الدر المنثور" (٦/ ١١ - ١٢).