للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال قتادة: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا} أجل حياتك إلى أنْ تموت، {وَأَجَلٌ مُسَمًّى} أجلٌ بعد موتِك إلى أنْ تُبعَثَ (١).

وقال الحسن: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا} أجل الدُّنيا مِن يومِ خلقِها إلى أن تَفنى، {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} يوم القيامة (٢).

وقال الضَّحَّاك: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا} أجل الموتِ، لكلِّ نفسٍ أجل، {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} [المنافقون: ١١] {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} أجلُ السَّاعة ذهابُ الدنيا، والإفضاءُ إلى اللَّه تعالى (٣).

وقال عطاء: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} من مولدِه إلى موتِه، ومن موتِه إلى بعثِه (٤).

ودلَّت الآيةُ على أنَّ الأجلَ واحدٌ، ودلَّ ذلك على بطلانِ قول المعتزلةِ في الأجلَين.

وقوله تعالى: {ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ}؛ أي: وبعد هذا البيانِ أنتم تَشكُّون في البعث، و {ثُمَّ} هاهنا للتَّرتيب وللتعقيب، وفي قوله تعالى: {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا} ليس للتَّرتيب والتَّعقيب في الوجود، بل في الإخبار؛ أي: ثمَّ أَخْبَركُم أنَّه قضى أجلًا، ولا يجوزُ أنْ يُحمَلَ على ترتيبِ الفعل؛ لأنَّه لا تَرتُّبَ في أفعالِ اللَّه تعالى؛ فإنَّ القولَ به يُوجِبُ القولَ بالحدوث، واللَّهُ سبحانه يَتعال عن ذلك علوًّا كبيرًا، ويكون هذا على ترتيب الإخبار،


(١) رواه الطبري (٩/ ١٥١)، وابن أبي حاتم (٤/ ١٢٦٢) (٧٠٩٨).
(٢) رواه بنحوه الطبري في "تفسيره" (٩/ ١٥١).
(٣) رواه الطبري (٩/ ١٥١)، وسلف بنحوه قريبًا.
(٤) في (ف): "إلى مبعثه" بدل: "ومن موته إلى بعثه". وذكره الواحدي في "البسيط" (٨/ ١٢) من رواية عطاء عن ابن عباس.