للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النُّذر، قال تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} إلى قوله: {وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} [الأحقاف: ٢٩] (١).

وقال غير الإمام أبي منصور رحمه اللَّه: وقد قيل (٢): إنَّ الرُّسلَ مِن الجنِّ كهؤلاء، وهم الذين يَسمعون مِن رسلِ الإنس، ويبلغون بأمرِهم إلى قومهم.

وقال أبو العباس المبرد: {مِنْكُمْ}؛ أي: مِن أهل الأرض، والإنسُ والجنُّ مِن أهلِ الأرض (٣) بخلافِ الملائكة لأنهم من أهل السماء.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: وليس لنا إلى معرفة هذا حاجةٌ، إنَّما الحاجةُ إلى معرفةِ الآياتِ والحُجَج التي يأتي بها الرُّسلُ، وقد عجزَ عنها الجِنُّ والإنسُ جميعًا، قال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} [الإسراء: ٨٨]، فالجنُّ أقوى على أشياء من الإنس، فإذا عجَزوا عن ذلك فغيرُهم أعجز.

قال: وجائزٌ أنْ يكون الرُّسلُ وإن كانوا من الإنس، فإنَّ الجنَّ يَستمعون مِن الرُّسل، فلَزِمَتهمُ الحجَّةُ، والعملُ بها، والتَّبليغُ إلى قومِهم مِن غير أنْ يَعلمَ الرُّسلُ بذلك (٤).

وقوله تعالى: {يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي}؛ أي: يَتلونها عليكم في الأمرِ بالإيمانِ والطَّاعة، والنَّهي عن الكفرِ والمعصية.


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٢٥٩).
(٢) في (أ): "وقيل" بدل: "وقد قيل"، وليست في (ر).
(٣) قوله: "والإنس والجن من أهل الأرض" من (ر).
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٢٦٠).