للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الأخفش: هو "هل" (١) ضمَّ إليها "أم" (٢).

وهو يكون لازمًا، كما في قوله: {هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: ١٨]، ويكون متعدِّيًا، كما في هذه الآية: {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ}؛ أي: قرِّبوا واحضِروا الذين يَشهدون لكم.

قيل: أرادَ به الأصنام فإنهم كانوا يسمُّونها شهداء، قال اللَّه تعالى: {وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ} [البقرة: ٢٣].

وقوله تعالى: {فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ} ولا يُتصوَّرُ منها الشهادة، ولكنَّ هذا مبالغةٌ في النَّفي، كما قال: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ}، ثمَّ قال: {وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} [فاطر: ١٤].

وقيل: {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} ولا يَجِدون مَن يَشهَدُ لهم بذلك الَّا أنفسُهم، {فَإِنْ شَهِدُوا} لأنفسهم بأنفسهم، أو بعضُهم لبعض، فلا تُحقِّقُ شهادتَهم، ولا تُصغِ إليها، ولا تَقبلها.

وقوله تعالى: {فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا}؛ أي: دعاويهم المبنيَّة على الأهواء.

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ}؛ أي: الأصنامَ، كما افتتح به السُّورة.

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: أشار إلى أنَّ ما تجرَّدَ عن برهانٍ يُصحِّحُه، وبيانٍ يُوَضِّحُه، فغيرُ مقبولٍ من قائلِه، ولا عذرِ لقائلِه (٣).


(١) في (أ): "متى" بدل من "هو هل".
(٢) لم أقف عليه في "معاني القرآن" للأخفش، وهو قول الفراء في "معاني القرآن" (١/ ٢٠٣)، ونص قول الأخفش في "معاني القرآن" له (١/ ٣١٧): "هلم" قد تكون للواحد والاثنين والجماعة. اهـ.
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٥١٠).