للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}؛ أي: رزقُكم ورزقُهم منَّا لا منكم، فما يَحمِلُكم على قتلِهم؟ ذكرَ حقوقَ الأولادِ بعد حقوقِ الوالدين.

وقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}؛ أي: اجتنبوا القبائحَ كلَّها، ظاهرَها وباطنَها؛ فإنَّ اللَّهَ مطَّلِعٌ على جميعِها.

وعن ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما قال: كان من الكفَّار مَن لا يرى بأسًا بالزِّنى سرًّا، وكذا قال الضَّحَّاك والسُّدِّيُّ (١).

وقيل: {مَا ظَهَرَ مِنْهَا} الزِّنى، {وَمَا بَطَنَ} منها المخالَّةُ.

وقال الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: قيل: الظَّاهرُ ما بينَك وبين الخلق، والباطنُ ما بينَك وبين اللَّه تعالى.

وقيل: الظَّاهرُ بالجوارح، والباطنُ بالقلب (٢).

وقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}؛ أي: بما يحقُّ به قتلُها، ومن ذلك ما قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يَحِلُّ دمُ امرئٍ مسلمٍ إلَّا بأحدِ معانٍ ثلاثة؛ كفرٍ بعد إيمان، وزِنًى بعد إحصان، وقتلِ نفسٍ بغيرِ حقٍّ" (٣).

وقوله تعالى: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}؛ أي: هذه الأشياءُ أكَّدَ اللَّهُ الأمرَ بها؛ لتعقِلوا عظمَها عند اللَّه، فتمتثلوا أمرَهُ فيها.


(١) روى أقوالهم الطبري في "تفسيره" (٩/ ٦٦٩ - ٦٦٠).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ٣١٤).
(٣) رواه أبو داود في "سننه" (٤٥٠٢)، والترمذي في "سننه" (٢١٥٨)، والنسائي في "سننه" (٤٠١٩)، وابن ماجه (٢٥٣٣) من حديث عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه. وسلف عند تفسير الآية (٣٢) من سورة المائدة.