للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وروى أبو ذرٍّ رضي اللَّه عنه، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "يقول اللَّه تعالى: الحسنة عشر أو أزيدُها، والسَّيِّئةُ واحدةٌ أو أغفرُها" (١).

وقال سفيانُ الثَّوريُّ رحمه اللَّه: لمَّا نزلت هذه الآية قال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ربِّ زدني"، فنزل قوله: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية [البقرة: ٢٦١]، فقال: "ربِّ زدني"، فنزلت: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} الآية [البقرة: ٢٤٥]، فقال: "ربِّ زدني"، فنزل قوله: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: ١٠] (٢).

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: حسنةُ النَّفسِ: تَوفيرُ (٣) الخِدمة، وحسنةُ القلبِ: حفظُ الحُرمةِ وحسنةُ الرّوح: مراعاةُ أدابِ الحِشمة.

وقيل (٤): حسنةُ الزَّاهدين: تركُ الدُّنيا، وحسنةُ المريدين: رفضُ الهوى، وحسنةُ العارفين: قطعُ المُنى، وحسنةُ الموحِّدين: التَّخلِّي عن الدُّنيا والعُقبى، والاكتفاءُ بوجود المولى.

ويقال: حسنةُ المبتدِئين: الصِّدقُ في الطَّلب، وحسنةُ المُنتهين: حفظُ الأدب، فشرطُ الطَّلب ألَّا يَبقى ميسورٌ إلَّا بَذَلْتَهُ، وشرطُ الأدب ألَّا تَسموَ لك هِمَّةٌ إلى شيءٍ إلا قطعتَهُ.


(١) رواه أحمد في "مسنده" (٢١٣٧٧)، ومسلم في "صحيحه" (٢٦٨٧).
(٢) رواه ابن المنذر كما في "الدر المنثور" (٣/ ١٢٦)، وذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٢١٢). وروى نحوه ابن حبان في "صحيحه" (٤٦٤٨)، ولم يذكر فيه قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}.
(٣) في (أ): "توقير"، وفي "لطائف الإشارات": "توفية".
(٤) لفظ: "وقيل" ليس في (ف).