للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذا قال هؤلاء، لكنَّ الدلائلَ التي تشيرُ لكونِ الإمامِ نجم الدِّين هو المؤلِّفَ له أقوى:

فأولًا: كلامُ الأئمَّة السابقين أساسُه ومصدرُه هو الأول، أعني شمسَ الدِّين المالكي وما قاله في "صلة الخلف بموصول السلف"، فقد أخذ كلامه الزرقانيُّ فذكره بصياغةٍ قريبة جدًّا منه لكنه لم يَعزُه إليه، ومَن يراجعْ كلام الزرقانيِّ يعلم أنه قد اقتبَسه من شمس الدِّين، ثم جاء اللكنويُّ فاعتمد كلام الزرقاني.

وثانيًا: أن العلامة سعدَ الدِّين التفتازانيَّ الشارحَ للعقائد قد صرَّح بنسبةِ الكتاب للإمام نجم الدين، فقال في خطبةِ شرحه: (وإن المختصر المسمَّى بـ "العقائد"، للإمامِ الهمام، قدوةِ علماء الإسلام، نجمِ الملة والدِّين، عمرَ النَّسَفِيِّ أعلى اللَّه درجته في دار السلام. . .) (١)، فنسبه للإمام نجم الدين، ولا شكَّ أنه أعرف بذلك من غيره، وخصوصًا أنه من أئمَّة الحنفية، ومَن نفى ذلك مالكيُّ المذهب، وأهلُ مكةَ أدرَى بشِعابها.

وثالثًا: أن كثيرًا من العلماء المحقِّقين قد نسَبوه لنجم الدِّين عمر رحمه اللَّه، منهم الكمال بن أبي شريف في حاشيته على شرح السَّعد للعقائد كما تقدم، وابن الشِّحنة كما ذكر ابن عابدين في حاشيته "رد المحتار" ووافقه، وحاجي خليفة في "كشف الظنون"، والبغدادي في "هدية العارفين"، وكحالة في "معجم المؤلفين"، والزركلي في "الأعلام" (٢).

فهذا كلُّه يرجِّح نسبة الكتاب للمؤلف رحمه اللَّه، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.


(١) انظر: "شرح العقائد النسفية" للتفتازاني (ط: مكتبة المدينة كراتشي باكستان) (ص: ٤٦ - ٤٧).
(٢) انظر: "رد المحتار على الدر المختار" (٣/ ٥٥١)، و"كشف الظنون" (٢/ ١١٤٥) و"هدية العارفين" (١/ ٧٨٣)، و"معجم المؤلفين" (٧/ ٣٠٦)، و"الأعلام" (٥/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>