وقوله تعالى:{وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} تنصرف الكنايةُ إلى قوله تعالى: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ}؛ أي: فرَّقناهم اثنتي عشرة أسباطًا، والتاء للتأنيث، والهاء في {عَشْرَةَ} كذلك، وفيه لغتان: تسكين الشين، وكسرُها في التأنيث من إحدى عشرةَ إلى تسعَ عشرةَ.
و {أَسْبَاطًا} ليس بتفسير العدد، فإنه يُوحَّد ولا يجمع، لكن تقديره: وقطعناهم أسباطًا أممًا اثنتي عشرة قطعةً، و (قطعةً) مضمَرةٌ، وتأنيث العدد لذلك، ويدلُّ عليه:{وَقَطَّعْنَاهُمُ}، ومعناه: وفرَّقناهم اثنتي عشرةَ فرقةً.
والأسباطُ: جمع سبطٍ، وهم أولاد يعقوبَ، وقد شرحناه في سورة البقرة.
و {أُمَمًا}: جمعُ أمَّة؛ أي: جماعاتٍ، وهو بدلٌ عن قوله:{أَسْبَاطًا} وترجمةٌ له.
والآيةُ في بيان إنعامه على بني إسرائيل، يقول: لمَّا أخرجناهم من أرض مصر وأدخلناهم البرَّ جعلناهم اثنتي عشرةَ فرقةً قبائلَ شتَّى؛ ليكون أمرُ كلِّ سبطٍ متصرِّفًا (١) من جهةِ رئيسهم فيخفَّ الأمر على موسى فيما يَحتاج إليه من تعريف أحوالهم، ويَسهل عليه جمعُهم إذا أراد جمعَهم، ويَعلم كلُّ فريق مرجعَهم في أمورهم.
وقوله تعالى:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا}: وكان ذلك في التِّيه، والانبجاس: خروج الماء الجاري بقلةٍ، والانفجار: خروجه بكثرة، وكان البدءُ بقلةٍ ثم يَكثر بالاتساع.