للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى}: العَرَض: حطام الدنيا، وما يصيبُ الإنسانَ منها فهو شيءٌ يَعرِضُ فيزول ولا يبقى، و {هَذَا الْأَدْنَى} بمعنى: هذه الدنيا، وإنما ذُكر لأنه لم يذكر الدار أو الحياة، فكأنه جعله صفة للمكان أو للشيء، يعني: يأخذون الرُّشى لتغيير الأحكام وتعطيلِ الحدود من العِلْية والسِّفلة.

وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا}: أي: إذا عوتبوا على ذلك اعتذروا بما (١) يرجونه من سعة رحمة اللَّه، ويقولون: {سَيُغْفَرُ لَنَا}.

وقوله تعالى: {وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ}: أي: يصرُّون على ذلك ولا يمتنعون، بل إذا وجدوا شيئًا (٢) مثلَه لم يتركوه.

وقوله تعالى: {أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ}: استفهامٌ بمعنى التقرير؛ أي: قد أُخذ عليهم الميثاقُ في كتابهم أن لا يقولوا على اللَّه إلا الحق؛ أي (٣): الصدق وقرُّوا (٤) ذلك، واللَّه تعالى ما وعدهم في التوراة المغفرةَ مع الإصرار.

وقال مالك بن دينار رحمه اللَّه: يأتي على الناس زمانٌ إنْ قصَّروا عما أُمروا به قالوا: سيُغفر لنا لم نُشرك باللَّه شيئًا، كلُّ أمرهم إلى الطمع، خيرهم فيهم (٥) المداهنُ، فهم من هذه الأمة أشباهُ الذين ذكرهم اللَّه تعالى {وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا}.


(١) في (أ): "مما".
(٢) في (أ): "إذا أمكنهم".
(٣) "الحق أي": زيادة من (ف).
(٤) في (ر): "وقرأوا".
(٥) في (أ): "فيه".