للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كمثَل الكلب، وهو كقوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ} الآية [الجمعة: ٥].

وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: أيُّ صفةٍ أدنى من صفةِ مَن بُلي بالإعراض الأزليِّ، وأيُّ نعتٍ أعلى من نعتِ مَن أُكرم بالقَبول الأبدي، وأيُّ حيلة تنفع مع مَن يخلق الحيلة، وكيف تصحُّ الوسيلة إلا بمن منه الوسيلة (١).

* * *

(١٧٨) - {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.

وقوله تعالى: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي}: أي: مَن يهدِه اللَّهُ {وَمَنْ يُضْلِلْ}؛ أي: ومَن يضلِلْهم {فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} كهؤلاء الذين كذبوا بآياتنا وانسلخوا عنها، وحَّد {الْمُهْتَدِي} وجمع (الخاسرين) لأنَّ مَن لفظُه لفظُ الواحد (٢) ومعناه جمعٌ فيجوز التوحيد للَفظه والجمعُ لمعناه.

والآية نصٌّ على إثبات الهداية والإضلال من اللَّه تعالى، وهو فيمَن عَلِم أنه يختار ذلك.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: فهو المهتدي في الآخرة، والخاسر في الآخرة (٣).

* * *

(١٧٩) - {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}.


(١) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٥٨٨).
(٢) في (أ): "واحد".
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٩٣).