للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ}: أي: وفي أن يكون أجلُهم لعله اقترب.

وهذا تعجيبٌ من اللَّه تعالى على عباده (١) من مقام الكفار على التكذيب بالساعة والجزاء والحساب، يقول: أو لم ينظروا نظرَ استدلالٍ في السماوات والأرض وغيرهما، الدالَّةِ على قدرة اللَّه تعالى وملكه، فيعلموا أنه لم يخلقْها عبثًا، ولا يترك عبادَه سُدًى، وأنه جعلها قِوامًا لهم مدةَ كونهم في الدنيا ليعملوا بطاعة اللَّه، ثم ينقلهم إلى دار الجزاء فيَمِيز بين المطيع والعاصي، وأن مَن مات فقد قامت قيامتُه، وأن آجالهم لعلها قد قربت، وإذا كان كذلك فقد أشرفوا على الهلاك، وإذا هلكوا فلا رجعةَ، ولا تمكِنُ التوبة فيتوبوا.

وقوله تعالى: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ}: أي: بأي كلامٍ بعد أجَلهم يؤمنون؛ أي: ليس بعد الموت مستعتَبٌ، ولا إيمانٌ نافعٌ دافعٌ للعذاب.

وقال عطاء: {قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ} يعني: يومَ بدر وأحد (٢).

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ} بعد القرآن يصدِّقون (٣)، يعني: أنه كلام اللَّه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا مِن خلفِه، ولو اجتمعت الخلائقُ لم يأتوا بمثله، فإذا لم يقبلوا هذا فماذا يقبلون؟

ويحتمل أن يكون المراد: أنهم يقبلون الحديث، فإذا لم يقبلوا حديثَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فبأيِّ حديثٍ يقبلون.


(١) "على عباده" ليست في (ر).
(٢) ذكره الواحدي في "البسيط" (٩/ ٤٩٢) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٣) ذكره الواحدي في "البسيط" (٩/ ٤٩٢).