للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

متى يموت كان يَستكثر من (١) الخير ولا يقصِّر (٢).

وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما أن أهل مكة قالوا: يا محمدُ! ألا يخبرُكَ ربُّك بالسعر الرخيص قبل أن يغلوَ فتشتريَه فتربحَ به، أو يخبرُك بالأرض التي يريد أن تُجدِب فترتحلَ منها إلى ما أخصبَتْ، فأنزل اللَّه هذه الآية (٣).

وروى حيان عن الكلبي: ولو كنتُ أعلم جدوبةَ الأرض وقحطَ المطر لهيَّأت لسنةِ القحط ما يكفيها {وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}؛ أي: الضرُّ والفقر (٤).

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: وهذا أيضًا ليس بقويٍّ (٥)؛ لأنَّه -وإن كان يعلم ذلك- لا يستكثِر المال، ولكن التأويل الصحيح واللَّه أعلم: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ} قيام الساعة متى يكون وأخبرتُكم به فصدَّقْتُموني وآمنتُم بي لاستكثرتُ الثواب بإيمانكم عند اللَّه تعالى {وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}؛ أي: تكذيبُكم.


(١) "من": زيادة من (ف).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ١٠٩).
(٣) انظر: "تفسير الثعلبي" (٤/ ٣١٣)، و"البسيط" للواحدي (٩/ ٥٠٧)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٢٥٦)، و"زاد المسير" (٢/ ١٧٦) عن ابن عباس، و"تفسير أبي الليث" (١/ ٥٧٣)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ٢٢٨)، عن الكلبي، ولعل الوارد عن ابن عباس هو من طريق الكلبي عن أبي صالح عنه.
(٤) الظاهر أن هذا من تتمة الخبر السابق، فقد ذكره الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٥/ ١٠٩) معه، ولفظه: (وقال ابن عَبَّاسٍ في قوله: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا}: وذلك أن أهل مكة قالوا: ألا يخبرك ربك يا مُحَمَّد بالتجارة المربحة فتتجر فيها فتربح، أو لا يخبرك بسنة القحط والجدوبة، أو يخبرك بوقت السعة والخصب؟! فقال عند ذلك: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ} من جدوبة الأرض والقحط؛ {لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} يقول: لتهيأت لذلك {وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} من الضر والشدة).
(٥) في (أ) و (ف): "غير قوي" بدل: "ليس بقوي".