للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٩٥) - {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ}.

وقوله تعالى: {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا}: استفهامٌ بمعنى النفي؛ أي: ليست لهم صفاتُ هذه الآلات، ولهم صورُ (١) هذه الجوارح بلا صفاتٍ، ولكم الجوارح والصفات، فهي دونكم، فمحالٌ منكم عبادتُكم إياهم، وهذا تسفيا لهم، وهو كقول إبراهيم لأبيه: {يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} [مريم: ٤٢].

وقوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ}: أي: أصنامَكم، فإنهم جعلوها شركاءَ للَّه، وأضافها إليهم لادِّعائهم ذلك.

وقيل: أي: الذين شاركوكم (٢) في الكفر.

وقوله تعالى: {ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ}: أي: قد ذَمَمتُ أصنامكم، وسفَّهْتُ عقولكم وأحلامكم، فاقْصِدوني بما شئتُم من الكيد ولا تمهلونِ، فإني لا أخافكم في اللَّه، وهذا مِن صِدْق توكُّله على اللَّه، وهكذا كان سائرُ رسل اللَّه؛ قال تعالى خبرًا عن نوح عليه السلام: {فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} إلى قوله: {وَلَا تُنْظِرُونِ} [يونس: ٧١]، وقال تعالى خبرًا عن هود عليه السلام: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ} [هود: ٥٦]، بعد قوله تعالى: {فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ} [هود: ٥٥]، وقال تعالى خبرًا عن إبراهيم عليه السلام: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ} إلى قوله تعالى: {رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا} [الممتحنة: ٤].


(١) في (ف): "صورة".
(٢) في (ف): "شاركوهم".