للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حرَمك، وصِلْ مَن قطَعكَ، واعفُ عمَّن ظلَمك، وأحسِنْ (١) إلى مَن أساء إليك" (٢).

وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: {خُذِ الْعَفْوَ}؛ أي: خذ فضلَ أموال الناس، من قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} وذلك قبل فرض الزكاة (٣).

وقال الضحاك: أي: خُذ ما عفا لك من أموال الناس ولا تسألهم ما وراء ذلك، وهو قبل فرضِ الزكاة (٤)، وبعد ذلك أُمر أن يأخذ منهم طوعًا وكرهًا.

وقوله تعالى: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ}: أي: بالمعروف (٥)، وهو ما عرفه العقل والشرع، وهو كالنُّكْر بمعنى المنكَر، وقالوا: من العُرف تقوى اللَّهِ، وصلةُ الأرحام، وصونُ اللسان عن الكذب ونحوِه، وغضُّ البصر عن المحارم، وكفُّ الجوارح عن المآثم.

وقوله تعالى: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}: هو كقوله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: ٦٣] {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: ٧٢]، وهو تحمُّل الأذى، والعفوُ عمَّن جنَى، والحِلمُ عمَّن جفا.


(١) في (ف): "وتحسن".
(٢) رواه بنحوه ابن مردويه من حديث جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما، كما في "الدر المنثور" (٣/ ٦٢٨). ورواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٦٤٣) من طريق سفيان بن عيينة عن رجل قد سماه، ومن طريق سفيان عن أُميٍّ الصيرفي، ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٦٣٨) من طريق سفيان عن أميٍّ عن الشعبي، وكل هذه مرسلات كما قال ابن كثير عند تفسير الآية، وزاد: (وقد روي له شواهد من وجوه أُخر). قلت: له شاهد من حديث عقبة بن عامر رضي اللَّه عنه عند أحمد (١٧٤٥٢).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٦٤١)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٦٣٨).
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٦٤١).
(٥) "أي: بالمعروف": ليس في (ف)، وفي (أ): "وأمر بالمعروف".