للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: يعني (١): في الوعد الذي وعدهم اللَّه تعالى من الظفر والغنيمة.

وقال ابن عباس ومحمد بن إسحاق: إنما جادَلوه طلبًا للرخصة في الانصراف، لا ردًّا لأمر اللَّه تعالى (٢).

قوله تعالى: {بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ}: أي: ظهر بقول النبي عليه السلام، وقولُه كان بأمر اللَّه تعالى.

قوله تعالى: {كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ}: وهذا كان من بعضهم، فأما أكثرهم فكانوا في أشدِّ رغبة فيه (٣).

رُوي أن سعد بن خيثمة وأباه تنازَعَا في الخروج إلى القتال، وكلُّ واحدٍ منهما يقول: أنا أخرج (٤) وتتخلَّف أنت، فقال سعد: لو كان غيرَ الجنة لآثَرْتُك، إني لأرجو الشهادةَ في وجهي هذا، فقال خيثمة: آثِرْني به فأقِمْ، فأبى سعد، فقال خيثمة: إنه لا بد لأحدنا من أن يقيم، فاستَهَما فخرج سهم سعد، فنهض فاستُشهد (٥).

وفي تأويل الآية وجهٌ آخرُ: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} فكان خيرًا لهم، فكذلك فأصلِحوا ذات بينِكم ولا تنازَعوا في الأنفال،


(١) "يعني": من (ف).
(٢) رواه عنهما بنحوه الطبري في "تفسيره" (١١/ ٣٧).
(٣) في هذا الكلام نظر، فإن نسبة الأمر للجميع إما أن يكون تعبيرًا عن موقف الأكثر، أو أن البعض فعله والباقي وافقهم، أما أن ينسب فعل البعض للجميع والأكثرون منهم راغبون عنه غير راضين به فلا يقبل أن يفسر به كلام اللَّه سبحانه، وما سيأتي من القصة لا يعبر بالضرورة عن موقف الأكثرين.
(٤) من قوله "فصارت الأنفال لرسول اللَّه" إلى هاهنا من (أ) و (ف).
(٥) رواه سعيد بن منصور في "سننه" (٢٥٥٨)، والحاكم في "المستدرك" (٤٨٦٦).