للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قليلًا، ولم يَرَ المشركون الملائكةَ فكان المسلمون في مقابَلةِ المشركين قليلًا (١).

وقوله تعالى: {وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ}: فيَحكم فيها بما يريد.

وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: وإذا أراد اللَّه نصرةَ عبدٍ فلو كاده جميعُ البشر أو أرادوه بكلِّ ضررٍ لم يَنفلَّ من شفا (٢) نُجحه حدّ، ولم يحصل بينه وبين متاح لطفه له سدّ، وإذا أراد اللَّه بعبدٍ سوءًا فليس له ردّ، ولا ينفعه جِدّ، ولا يُنعشه بعد ما أسقطه حكمُه جهد (٣).

* * *

(٤٥) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.

وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا}: أي: لاقيتُم جماعةً من المشركين يقصدونكم فاثبتوا ولا تنهزموا.

وقوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}: أي: ادعوا في تلك الحالة ربَّكم، واسألوه الثباتَ والصبر والعلوَّ والنصر؛ كالذين قالوا: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة: ٢٥٠] فإنكم إذا فعلتُم ذلك كان فيه فلاحُكُم وهو الظَّفرُ بالعدو.

وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تتمنَّوا لقاء العدوِّ واسألوا اللَّه العافية، وإن لقيتُموهم فاثبُتوا وأكثِروا ذكرَ اللَّه، وإن أَجْلبوا وصيَّحوا فعليكم بالصَّمت" (٤).


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٢٢٩).
(٢) في (ر): "سنا".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٦٢٨). وكلمة "جهد" تحرفت في النسخ إلى: "حد".
(٤) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (٩٥١٨)، والدارمي في "سننه" (٢٤٤٠)، وعبد بن حميد في "مسنده" =