للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأخذِ الأموال، ثم كان من بني النضير ما كان، وأجلاهم بعد أن خرَّب ديارهم وقطع نخيلَهم وأخَذ من أموالهم ما أحبَّ، وكلُّ هذا عقوبةٌ غليظة تردع السامعين مِن فعلِ ما أوجبَها، ويقع بها الاتِّعاظ والتذكُّر لمن عقَل.

* * *

(٥٩) - {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ}.

وقوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا} (١): قرأ عاصم في رواية حفص وابنُ عامرٍ وحمزة: {يَحْسَبَنَّ} بياء المغايبة وفتحِ السين، والباقون بتاء المخاطبة وكسرِ السين (٢)؛ أي: يا محمد لا تظنَّنَّ الكافرين السابقين.

و {سَبَقُوا} في معنى الحال، وعلى ياء المغايَبة لا بد من إضمارِ اسم قبل الذين كفروا أو بعد ذلك، وتقديره: ولا يحسبنَّ أحدٌ أو حاسِبٌ الذين كفروا سبقوا، أو: ولا يحسبن الذين كفروا أنفسَهم أو قومَهم أو سلفَهم سبَقوا.

وقال الزجَّاج رحمه اللَّه: تقديره: لا يحسبن المؤمنون الذين كفروا سبَقوا (٣).

ومعنى الآية: ولا تحسبن مَن بقي من المشركين بعد وقعة بدرٍ ممن كان شهدَها فأفلَتَ أو لم يكن شهدها سبقوا؛ أي: فاتوا فلا يلحقهم عذاب اللَّه.

وقوله تعالى: {إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ}: أي: لا يفوتون، وقرأ ابن عامر: {أنهم} بفتح الألف (٤)، ومعناه: لأنهم، يقال: طلبت فلانًا فأعجزني؛ أي: فاتني فعجزتُ عن إدراكه.


(١) في (ف) و (أ): "ولا تحسبن. . . "، وهما قراءتان كما سيأتي.
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٣٠٧)، و"التيسير" (ص: ١١٧).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٤٢١).
(٤) انظر: "السبعة" (ص: ٣٠٧)، و"التيسير" (ص: ١١٧).