للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٤ - ١٥) - {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.

وقوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ}: أمرهم بقتال المشركين، ووعَد عليه هذه الأشياءَ، وجزم كلّها لأنه جزاءٌ عليه.

وقوله تعالى: {وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ}: رفعٌ؛ لأنَّه مبتدأ غيرُ معطوف، ولكنه متصلٌ بالأول معنًى؛ أي: ومن فوائد القتال أنه يتوب بسببه بعضُ مَن تأمَّل فيه.

{وَاللَّهُ عَلِيمٌ}: لا يكون عليه خفاء {حَكِيمٌ} لا يَلحقه خطأ، {عَلِيمٌ} بما كان منهم {حَكِيمٌ} فيما (١) أمر فيهم.

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: شفَى (٢) صدور المؤمنين على حسَب مراتبهم في الدرجات والمقامات، فمنهم مَن شفاءُ صدره في قهرِ عدوه، ومنهم مَن شفاءُ صدره في نيلِ مَرْجوِّه، ومنهم مَن شفاءُ صدره في الظَّفَر بمطلوبه، ومنهم مَن شفاءُ صدره في لقاء محبوبه، ومنهم مَن شفاءُ صدره في دَرك مقصوده، ومنهم مَن شفاءُ صدره في البقاء بمعبوده (٣)، وكذلك ذهابُ غيظِ قلوبهم تختلف أسبابه وتتنوَّعُ أبوابه، {وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} حتى يكون استقلالُه بمحوِّل الأحوال لا بصفاء الأحوال (٤).


(١) في (ف) و (أ): "بما".
(٢) في (ف) و (أ): "شفاء".
(٣) في (أ): "ببقاء معبوده" وفي (ر) و (ف): "في لقاء معبوده"، والمثبت من "اللطائف".
(٤) في (أ): "لا بصفات الأحوال"، وهذه الجملة ليست في "اللطائف". انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ١٢).