للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الحسن (١): بلغني أنه كان لأحدهم حائطٌ كان يومئذ خيرًا من مئة ألف درهم، فقال: يا حائطاه! ما خلَّفني عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا ظلُّك وانتظارُ ثمرك، اذهب فأنت في سبيل اللَّه، ثم لحق برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأما الآخرُ فلم يكن له إلا أهيلٌ له، فقال: يا أهيلاه (٢)! ما بطَّأني عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا خلَّفني عنه إلا الضِّنُّ بك، لا جرم واللَّه لأكابِدَنَّ المفاوزَ حتى ألحق برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأما الثالث فلم يكن له أهل ولا مال فقال: يا نفسُ! واللَّه ما خلفني عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلا حبُّ الحياة لا جرم (٣) واللَّه لأكابدنَّ الشدائد حتى أَلحق برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم ركب نعليه (٤) ومعه زادُه تحت إبطه، فلحق برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: يا أيها الذين آمَنوا من أهل الكتاب، اتَّقوا اللَّه وكونوا مع الصادقين؛ أي: مع المجاهدين (٥).

وقيل: يا أيها الذين آمَنوا من أهل مكة ولم يهاجروا، اتَّقوا اللَّه وكونوا مع المهاجرين.


(١) ذكر قوله الزمخشري في "الكشاف" (٢/ ٣١٩).
(٢) في "الكشاف": "ولم يكن لآخر إلا اهله فقال: يا أهلاه".
(٣) "لا جرم" ليست في (ف).
(٤) في (أ): "بغلته".
(٥) ذكره الواحدي في "البسيط" (١١/ ٨٧) عن ابن عباس ومقاتل بلفظ: (يعني به مؤمني أهل الكتاب، يأمرهم بالجهاد وأن يكونوا مع المهاجرين)، وبهذا اللفظ ذكره في "الوسيط" (٢/ ٥٣٣) لكن عن الكلبي ومقاتل، فلعله مما روي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. أما مقاتل بن حيان فقد رواه عنه باللفظ المذكور ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٦/ ١٩٠٦).
وذكره عن ابن عباس أيضًا الزمخشري في "الكشاف" (٢/ ٣٢١)، وفيه بدل: "أي: مع المجاهدين": (أي: كونوا مع المهاجرين والأنصار، ووافقوهم وانتظِموا في جملتهم، واصدقوا مثل صدقهم). وهذا الذي قاله الزمخشري هو الأوفق بالمعنى، فغير المسلم يطلب منه أولًا أن يكون مع المسلمين قبل أن يطلب كونه في المجاهدين.