وليسَ بعجَبٍ؛ لأنَّ الخَلْقَ خلقُهُ، والمُلْكَ ملكُه، وله أنْ يرسلَ إليهم رسولًا، ويأمرَهم بما يريدُ، وينهاهم عمَّا يريدُ.
وإذا صحَّ هذا في العقول فإرسال البشر أولى وأقرب إلى أن يسكنوا إليهم وأن يعقلوا عنهم من إرسال الملائكة الذين لا يُعايَنون.
ثمَّ ليس في نفسِ ما أتوا به ما تنكرُه العقولُ، إنَّما هو حثٌّ على الشُّكر والطَّاعة للمنعِم، ودعاءٌ إلى شرائعَ بها صلاحُ بينِهم، وتآلُفُ قلوبِهم، وارتفاعُ التَّظالم عنهم، وإنذارٌ لِمَن عصاه بالعذابِ الأليمِ، وتبشيرٌ لِمَن أطاعَه بالنَّعيم المقيم.