للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا}: أي: إلى جزاءِ اللَّهِ رجوعُكم جميعًا يومَ القيامةِ.

وقوله تعالى: {وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا}: نصبٌ على المصدر على إضمار الفعل؛ أي: وَعَدَ اللَّهُ ذلك وَعْدًا صدقًا.

{إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ}: أي: ليتعبَّدهم {ثُمَّ يُعِيدُهُ}؛ أي: يميتهم، ثم يعيدهم أحياءً (١) يوم القيامة ليجزيهم.

والخَلْقُ أصلُه مصدرٌ، فلم يُجمَع، ومعناه الجمع، فلذلك وحَّدَ الكنايةَ بعدَه.

وقوله تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ}: أي: بالعدْلِ، وهو قوله {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء: ٤٠].

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: {بِالْقِسْطِ}؛ أي: يجزي المحسنين جزاء الإحسانِ، والمسيئين جزاء الإساءة، ويفصل بين العدو والولي في الجزاء، وهو العدل.

ويحتمِل: ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالفضل، فقد قال تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: ١٧٣].

وسمَّاه قسطًا وهو العدل؛ لأنَّ العدلَ وضعُ الشَّيء في موضعِه، وهذا وضعُ الفضلِ في (٢) موضعِه، فكان عدلًا من هذا الوجهِ.

ويحتمل أن يكون القِسطُ صفةً للعالمين؛ أي: عملوا الصَّالحات بقسطهم في الدُّنيا؛ أي: عدلهم (٣).


(١) في (ف): "أي يميتهم بعد إحيائهم ثم يبعثهم".
(٢) "في" من (ف).
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٨ - ٩).