للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لكنَّا نمهلُهُم لعلمنا أنَّ فيهم مَن يؤمنُ، وهو كعكرمة بن أبي جهل وخالد بن الوليد ونحوهما.

* * *

(١٤) - {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}.

وقوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ}: أي: سكانَها {مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه:

يحتمِل: جعلَكم مكانَ أولئك لم يهلكْهم (١)، وهو تذكيرٌ للنِّعمة.

ويحتمل: جعلكم خلائف أولئك في المحنة والعبادة؛ أي: ابتلاكم بالأمر والنَّهي كما فعل بأولئك.

وقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} قال: لم يزلِ اللَّهُ تعالى عالمًا بما كان ويكون منهم مِن الطَّاعة والمعصية، ولكنْ ليَعْلَمهم عصاةً ومطيعين؛ لأنَّ المعصية إنما تكون بعدما يكون النَّهي، والطَّاعة إنما تكون بعدما يكون الأمر، فيَعْلَمكم عاصين كما علم أنه يكون منكم معصية، ويعلمكم مطيعين كما علم أنه يكون منكم طاعة (٢).

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: مَن لم يعتبر بمَن سبقَه اعتبر به مَن لحقَه، ومَن لم يعتبر بما سمعَه اعتبر به مَن تَبعه (٣).

* * *


(١) كذا وقعت العبارة في النسخ، وعبارة "التأويلات": (جعل أنفسكم خلف أنفس أولئك الذين لم يهلكهم).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ١٨).
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٨٤).