للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: {أَحْسَنُوا}: لم يبقَ عليهم حقٌّ إلَّا قاموا به، إن كانَ حقَّ الحقِّ فمِن غير تقصيرٍ، وإنْ كان حقَّ الخَلْقِ فمِن غير تأخيرٍ.

وقيل: أحسنوا في المآل كما أحسنوا في الحال، فاستداموا بما فيه واستقاموا.

وقيل: الحسنى في الدُّنيا: توفيقٌ بدوام وتحقيقٌ في تمام، وفي الآخرة: غفرانٌ معجَّلٌ، وعِيَانٌ على التأبيد محصَّل.

وقوله: {وَزِيَادَةٌ} قال أهلُ المعرفةِ: الحسنى، الرُّؤية، والزِّيادةٌ دوامُها.

وقيل: الحسنى: اللِّقاء، والزِّيادة: البقاء في حال اللِّقاء.

وقولُه تعالى: {وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ}؛ أي: لا يُردُّون مِن غير شهودٍ إلى رؤيةِ غيره.

{هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}: في فنونِ أفضالهم، في جميع أحوالهم (١).

* * *

(٢٧) - {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا}: قال الكلبيُّ: عملوا الشِّركَ والمعاصي (٢).

{جَزَاءُ سَيِّئَةٍ}: أي: لهم جزاءُ سيَّئةٍ {بِمِثْلِهَا}؛ أي: قصاص ذلك بمثلِها، وهي النَّارُ، هي مثلُها؛ أي: هي موافِقة لعمَلِهم، اعتقدوا الشِّركَ على الأبدِ، فعُوقِبوا فيها على الأبد.

{وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ}: أي: يغشاهم هوانٌ، وآثار خيبةٍ وحرمان، وهو كقوله تعالى:


(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٩١ - ٩٢).
(٢) ذكره الواحدي في "البسيط" (١١/ ١٧٤) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما في رواية الكلبي.