للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٩٤) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ}: مرَّ تفسيرُ هذه الكلمات مرَّات.

وقال ها هنا: {وَأَخَذَتِ} على تأنيث اللَّفظ، وقال في قصَّة صالح عليه السَّلام على تذكير المعنى، فإنَّه في معنى الصياح، ومرَّ سياق القصَّة في (سورة الأعراف).

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: سوفَ تعلمون في العاقبة مَن يأتيه منَّا عذابٌ يخزيه، نحن أو أنتم؟ وتعلمون أيضًا مَنِ الكاذب منَّا، نحن أو أنتم؟ لأنَّ كلَّ واحدٍ مِن الفريقَيْن يدَّعي على الفريق الآخر الكذبَ، فارتقبوا هلاكي، وأنا أرتقب هلاككم، وارتقبوا لِمَن العاقبةُ منَّا، لنا أو لكم.

وقوله تعالى: {أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ}: هلَكَ كلُّ واحدٍ مِن الفريقَيْنِ بالصَّيحةِ.

قال ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما: لم يُعذَّب بعذابٍ واحدٍ إلَّا قومان؛ قومُ شعيب، وقومُ صالح، فأمَّا قومُ صالح فأخذتهم الصَّيحةُ مِن تحتِهم، وقومُ شعيبٍ مِن فوقِهم، فنشأَتْ لهم سحابةٌ فيها عذابُهم فلم يعلموا، كهيئة الظُّلَّة فيها ريحٌ، فلمَّا رأَوْها أتَوْها يستظلُّون تحتَها مِن حرِّ الشَّمس، فسالَ عليهم العذابُ مِن فوقِهم، فذلك قوله تعالى: {فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ} [الشعراء: ١٨٩] (١).

* * *

(٩٦) - {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ}.

وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ}: الآياتُ والسُّلطانُ


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٦/ ١٧٧).