للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٠٤ - ١٠٥) - {وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (١٠٤) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ}.

وقوله تعالى: {وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ}: أي: وما نؤخِّر هذا اليومَ إلَّا لأجلٍ معلومِ العدد عندنا؛ لأنَّه لا يتقدَّم ولا يتأخَّر.

وقوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِ}: قرأ عاصمٌ وابن عامر وحمزةُ بغيرِ ياءٍ في الوصل والوقف اتِّباعًا لخطِّ المصحف، وهو لغةُ هُذيل، يقولون: لا أدرِ، وقرأ الباقون بالياء في الوصل، والحذفِ في الوقف، إلَّا ابنَ كثير فإنه يقف بالياء أيضًا (١).

ونصبُهُ بإضمار: وذكِّرهم {يَوْمَ} وهو مضاف إلى {يَأْتِ} وهي إضافةٌ غير محضة؛ لأنَّه إلى فعلٍ لا إلى اسم (٢)، وإنَّما جازَ لأنَّ اليوم اسم زمان، والزَّمان مع الفعل يتناسبان مِن حيثُ إنَّ الفعلَ لا ينفكُّ عنه، ويتصرَّف (٣) بتصرُّفه، ولا يكون موجودًا إلَّا وقتًا واحدًا كالزَّمان لا يبقى.

وقوله تعالى: {لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ}: أي: لا تتكلَّم، حُذِفَتْ إحدى التَّاءين تخفيفًا؛ أي: لا يشفعُ أحدٌ لأحدٍ إلَّا بإذنِ اللَّهِ تعالى، قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥].

والهاء في قوله: {بِإِذْنِهِ} ترجعُ إلى اللَّهِ تعالى؛ كما في قوله: {مَجْمُوعٌ لَهُ} [هود: ١٠٣]، وقد ذكر قبلَه: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ} [هود: ١٠٢].

وقيل: {مَجْمُوعٌ لَهُ} يرجعُ إلى اليوم؛ كما قال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ


(١) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٣٣٨)، و"التيسير" للداني (ص: ١٢٧).
(٢) في (ر) و (ف): "الفعل لا إلى الاسم".
(٣) في (ف): "ولا ينصرف".