للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: الصَّبر: حبس النَّفس على معانقةِ الأمرِ ومفارقةِ الزَّجر.

{فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}؛ أي: العالِمِين أنَّ الأجرَ على الصَّبر والطَّاعةِ بفضلِ اللَّهِ، لا بفعلِ العبدِ (١).

* * *

(١١٦) - {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ}.

وقوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ}: بيَّن أنَّه لم تُهْلَكِ القرونُ الَّتي ذَكَرَ قصصَها إلَّا بظلمِهم، فقال: فهلَّا كانَ مِن القرون الماضية ذو عقلٍ وتدبيرٍ وبقيَّةُ خير ينهون قومَهم عن الفسادِ في الأرض؛ وهو إظهارُ الكفرِ والمعاصي، والتَّظالمُ والفسادُ وسفكُ الدِّماء ونهبُ الأموال وانتهاكُ الحُرم؛ ليمتنِعوا عن ذلك كلِّه.

وتحقيقُ هذا التَّوبيخِ نفيُ وجودِ ذلك؛ أي: لم يكنْ (٢) فيهم أولو بقيَّة يفعلون هذا إلَّا قليلًا منهم، ولم يقبلِ الباقون قولَهم، وهذا القليلُ هم المؤمنون بالأنبياء الذين قال اللَّه فيهم: (أَنْجَينا فلانًا والذين آمنوا معه) (٣).

{وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ} [هود: ١١٦]؛ أي: نُعِّموا. والمترَفُ: المنعَّم، والتُّرْفة: النَّعمة.


(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ١٦٢).
(٢) في (ر): "يوجد".
(٣) في (ف): "أنجيناه والذين آمنوا معه"، وفي (ر): "فأنجينا الذين أمنوا معه".