للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وذلك أنَّ أعوامَ الوحي اثنان وعشرون ونصف؛ ستَّة أشهر في ابتداء (١) الرُّؤيا الصَّادقة، فكانت جزءًا من ستَّةٍ وأربعين جزءًا من النُّبوَّة (٢).

وفيها: أنَّ شفقةَ الآباءِ وافرةٌ، وحسدَ الإخوةِ ظاهرٌ، ولهذا قال أصحابُنا رحمهم اللَّه: تُقبَلُ شهادةُ الأخِ للأخِ؛ لأنَّه لا تُهمةَ فيه، ولا تُقبلُ شهادةُ الأبِ للابنِ، ولا شهادةُ الابن للأبِ؛ للتُّهمةِ.

وفيها: أنَّ عداوةَ إبليس -لعنه اللَّه- لنا قديمةٌ، وللَّه تعالى في إبقائه لطفٌ عظيمٌ، فإنَّه يحيلُ لمعاصينا عليه، وذلك مذكورٌ في قصَّة كثيرٍ من الأنبياء: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ} [البقرة: ٣٦]، {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ} [الأعراف: ٢٠]، {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ} [الكهف: ٦٣]، {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [القصص: ١٥]، {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ} [يوسف: ١٠٠]، {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ} [الأعراف: ٢٠٠]، {لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} [الأعراف: ٢٧]، {إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ} [آل عمران: ١٥٥].

* * *

(٦) - {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.

وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ}: أي: كما دلَّ رؤياك على إكرامِ اللَّه تعالى إيَّاك بتفضيلِك على إخوتِك، كذلك يختارُكَ فيستخلِصُكَ بالنُّبوَّة.


(١) في (أ): "الابتداء".
(٢) كذا قال، ولا يستقيم كون الرؤيا جزءًا من ستة وأربعين على هذا، وقد جاء في "شرح السنة" للبغوي (١٢/ ٢٠٤): أنَّ جُملةَ أيَّامِ الوَحي ثلاثةٌ وعشرونَ سنةً، كان ستَّةُ أشهرٍ في المَنام، وبهذا فُسِّر قولُه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رؤيا المؤمن جزءٌ مِن ستَّةٍ وأربعينَ. . . ".