للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

و {مَدَّ اَلْأَرْضَ}؛ أي: بسطَها طولًا وعرضًا.

وقوله: {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ}: أي: جبالًا ثوابت، رَسا يَرْسُو رَسْوًا؛ أي: ثبتَ.

{وَأَنْهَارًا}: أي: جعل فيها أنهارًا جارية، فيها المياه العذبة وغير العذبة.

{وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ}: أي: وجعلَ فيها من كلِّ الثَّمرات.

{جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ}: أي: لونَيْن؛ أسودَ وأبيض، وحلوًا وحامضًا، وصغيرًا وكبيرًا، ورطبًا ويابسًا، ونحو ذلك. وإنَّما أتبع {زَوْجَيْنِ} بقوله: {اثْنَيْنِ} لمعنيَيْنِ:

أحدُهما: أنَّ الزَّوْجَ قد يكون اسمًا للشَّفْعِ، وقد يكون اسمًا للفَرْدِ، فأتبعَه {اثْنَيْنِ} لِيُعْلَمَ أنَّه لم يُرِدْ به الشَّفع، ولكن أراد به اللون الفَرْد.

والثَّاني: أنَّه للتَّأكيد؛ لتمكين المعنى في النَّفس.

وقوله تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ}؛ أي: يغطي، فيغشي النَّهارَ اللَّيلَ (١) فيُذْهِبُ ظلمَتَهُ، ويغشي اللَّيلَ النَّهارَ (٢) فيُذْهِبُ ضوءَهُ، وهو مختصرٌ في الذِّكْرِ مُرادٌ في المعنى، بدلالةِ نظائرِهِ: {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} [الحج: ٦١]، {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ} [الزمر: ٥].

وقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} فيه، فيعلمون بتعاقُبِه وتصرُّفِه على نظامٍ واحدٍ أنَّ له صانعًا عليمًا حكيمًا قادرًا، ليس كمثلِه شيءٌ، وأنَّ ذلكَ كلَّه إذا كان مخلوقًا لقِوام العباد اقتضى شكرَهم له على هذه النِّعم بإخلاصِ العبادةِ له.


(١) "فيغشي النهار الليل" من (ف).
(٢) في (أ) و (ر): "ويغشي النهار الليل"، والمثبت من (ف) وهو الصواب.