للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبعضها قشرًا، وبعضها لُبًّا، ثمَّ لكلِّ واحدٍ طعمٌ مخصوصٌ، ولونٌ مخصوصٌ، وطبعٌ مخصوصٌ (١).

وقال الإمامُ أبو منصورٍ رحمَه اللَّه: وقولُه: {قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ} يبطلُ قولَ مَن تأوَّل قوله عليه الصلاة والسلام: "الجارُ أحقُّ بِشُفْعَتِهِ" (٢): أنَّ المرادَ به: الشَّريك؛ لأنَّه ذَكَرَ التَّجاوُرَ صفةً للقِطَعِ، فإذا كانَتِ الأرضُ واحدةً فلا تكون متجاورةً، بل التَّجاورُ للقِطَعِ المفرَزة المتلازقة، فدلَّ أنَّ المرادَ بالحديثِ هو الجار المتلازق دون الشَّريك (٣).

* * *

(٥) - {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.

وقوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ}: أي: وإنْ عجبْتَ يا محمَّدُ مِن إنكارِ هؤلاءِ للإعادةِ مع إقرارِهم أنِّي أنا الخالقُ لِمَا قدَّمْتُ ذِكْرَه مِن السَّماء والأرضِ وعجائبِ ما فيهما، وأنِّي أنا المخترع (٤) للثِّمار المختلفة مِن الأرضِ الواحدةِ، بل مِن الحبَّةِ الواحدةِ {فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ}؛ أي: فقد وضعتَ (٥) بالتَّعجُّب في موضعِه؛ لأنَّهم أقرُّوا بقدرتي على ابتداء هذه الأشياء، ثمَّ أنكروا إعادتها، والَّذي أنكروا قدرتي عليه أولى أن يكون مقدورًا عليه مما أَقَرُّوا بقدرتي عليه.


(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٢١٧).
(٢) رواه البخاري (٢٢٥٨) من حديث أبي رافع مولى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، بلفظ: "الجار أحق بسقبه".
(٣) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٣٠٦).
(٤) في (ف): "المخرج".
(٥) في (ر): "بعد وصفت"، وفي (ف): "بعد وضعت".