للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}: قال الحسنُ وقتادة: أي: بأمر اللَّه (١). كما يُقال: أجابك مِن دعائِكَ؛ أي: بدعائك.

وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: أي: الملائكة هم مِن أمرِ اللَّه (٢).

وقال مجاهد وإبراهيم: {مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}؛ أي: من الجنِّ والهوامِّ (٣). وسمى الجنَّ مِن أمرِ اللَّهِ لأنَّها لا تُرى؛ كما قال: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: ٨٥].

وقيل: أي: مِن عذابِ اللَّهِ، كما قال: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا} [هود: ٥٨].

وقيل: {مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}؛ أي: لأمرِ اللَّهِ، كما قال: {أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: ٤]؛ يعني: أنَّ هذا المستخفيَ والسَّارب إنَّما يمتنِعُ مِن نزولِ العقوبةِ به مع قبيحِ فعله لِمَا وكَّلَ اللَّهُ تعالى به من (٤) الحفظة، لا أنَّه يمتنع بقوَّة نفسه (٥)، أو لمكانةٍ له عند ربِّه، أو لخفاءِ أحوالِه وأفعالِه على اللَّه تعالى، ولكن يؤخِّر إزالةَ نعمتِه وعافيتِه عنه وإنزالَ عقوبتِه وسطوتِه به إلى أنْ يغيِّروا هم ما بأنفسهم بالإصرار على الفساد، والإقامة على الكفر، فتزول المعقِّبات، وتنزل العقوبات.

وقال كعب: لولا أنَّ اللَّه وكَّل بكم ملائكة يذبُّون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم إذًا لتُخطِّفتم (٦).


(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (١٣٥٨)، والطبري في "تفسيره" (١٣/ ٤٦٤) عن قتادة.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٤٥٨)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢٢٣٢).
(٣) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٤٦٥).
(٤) "من" ليس في (أ) و (ف).
(٥) في (أ): "فيه" وفي (ف): "اللَّه".
(٦) في (أ): "لتخطفكم" وفي (ر): "لتخطفتكم"، وفي (ف): "لتحفظنكم"، والمثبت من "تفسير الطبري"، فقد رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٤٦٦).