للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ}، قالوا: يَحتمِلُ أخذَ (١) أعيانِها، ويحتمِلُ أخذَ مَنافعها مع بقاء صور أعيانها، وتقديره: أيها الشاغِلون الأسماعَ والأبصارَ والقلوبَ بغيرِ الحق (٢)، لو أَخَذ اللَّه تعالى هذه الأعيان وأذهبَها فمَن يأتي بها؟ وأيها الشاغلون هذه الأشياءَ (٣) بالحق، لو أن اللَّه أزالها عن الحقِّ فمَن الذي يُعيدها إليه؟ فهو تنبيهٌ وعِظَةٌ للمبطِل والمُحِقِّ جميعًا.

ثم سببُ هذه العقوبة: الإصرارُ على الذنوب، فقد (٤) روَى أبو هريرة رضي اللَّه عنه عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إنَّ المؤمنَ إذا أَذنَبَ كانت عليه (٥) نكتةٌ سوداءُ في قلبه، فإن تاب ونزَعَ واستَغْفرَ صُقِلَ قلبُه منها، وإنْ زاد زادَتْ حتى تَعْلُوَ قلبَه" (٦).

وقالوا: سببُ الحفظِ عن هذا الختمِ: رفعُ الختم عن الكيِّس فلا يمنعُه عن حقٍّ، ووضعُ الختم على اللسان فلا يُطلِقُه في باطلٍ.

وقولُه تعالى: {عَلَى قُلُوبِهِمْ}: هي جمعُ القلب وهو الفؤاد، وقلبُ كلِّ شيءٍ خالصُه وأشرفُه، وعَرَبيٌّ قَلبٌ؛ أي: خالصٌ، وقلبُ النخلة: ما في وَسَطِها، وقلبُ الشيء: صِرْفُه، وانقلابُه: انصرافُه، والقلب: نجمٌ من منازل القمر، والقُلَّب والحُوَّل بالتشديد: الذي يَقلبُ الأمورَ ويحتالُ لها، فسمِّي قلبُ الإنسان به؛ لأنه أشرفُ أعضائه؛


(١) في (ر): "أخذ اللَّه".
(٢) في (أ): "حق".
(٣) في (ف): "هذه الأسماع والأبصار والقلوب".
(٤) "فقد": ليست في (أ).
(٥) "عليه": سقط من (أ).
(٦) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٧٩٥٢)، والترمذي (٣٣٣٤)، وابن ماجه (٤٢٤٤)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (٤١٨).