للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٣٤) - {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ}.

وقوله: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}: يحلُّ بهم كما حلَّ بالمستهزئين وبرؤوس المشركين يومَ بدرٍ ونحو ذلك.

{وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ}: أي: أغلظُ وأبلغُ {وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ}؛ أي: إذا عذَّبهم لم يمنعْهُ مانعٌ عنه.

* * *

(٣٥) - {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ}.

وقوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ}: قيل: جوابُه محذوفٌ في آخرِه، وهو: أَجَلُّ مَثَلٍ.

وقيل: {مَثَلُ الْجَنَّةِ}؛ أي: صفةُ الجنَّة، كقوله: {وَلَهُ الْمَثَلُ اَلْأَعْلَى} [الروم: ٢٧]، وعلى هذا فيه مُضْمَرٌ أيضًا، تقديرُه: صفةُ الجنَّة التي وُعِدَ المتَّقون [أنها] (١) تجري مِن تحتِها الأنهارُ.

وقيل: الإضمار في أوَّله: وفيما يُتْلَى عليك مثلُ الجنَّةِ.

وقيل: إضماره: هذا مثل الجنَّة، ذكر وعدَ الأولياءِ بعدَ ذكرِ وعيدِ الأعداءِ.

{تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}: أي: فى غاية النُّزهة، والعربُ كانوا فى عِوَزٍ مِن الماءِ، فكانوا يَعُدُّون هذا أعظمَ نزهةٍ.

وقوله تعالى: {أُكُلُهَا دَائِمٌ}: أي: ثمرُها غيرُ منقطعٍ {وَظِلُّهَا} كذلِكَ لا تنسخُهُ الشَّمسُ.


(١) ما بين معكوفتين زيادة يقتضيها السياق، وبدونه لا يكون هناك مضمر، وهذا الوجه أجازه الفراء في "معاني القرآن" (٢/ ٦٥)، ونقله عنه ابن عطية في "المحرر الوجيز" (٣/ ٣١٥).