للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ}: قرأ ابن كثير وأبو عَمرو وعاصم: {وَيُثْبِتُ} مخففًا، مِن الإثباتِ، والباقون: {يُثَبِّتُ} مشددًا مِن التَّثبيت (١).

وقال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} مِن ديوان الحفظَةِ، ما ليسَ فيه ثوابٌ ولا عقابٌ، {وَيُثْبِتُ} ما فيه ثوابٌ وعقابٌ، وذلك لأنَّ الحفظَةَ تكتبُ على الإنسانِ جميعَ ما يقول ويعمل، فإذا كان يومُ الخميس والإثنين عُوْرِضَ ذلك بالَّلوح المحفوظ، فيُلْقَى مِن كتاب الحفظة ما لا جزاءَ له مِن خيرٍ وشرٍّ، ويُثبتُ ما يوافق الكتابَ مِن ذلك الخير والشَّرِّ، والثَّواب والعقاب (٢).

وقال الضَّحَّاكُ: {يَمْحُو اللَّهُ} ما ليس للعبد ولا عليه، {وَيُثْبِتُ} ما له وعليه (٣).

وقال عليٌّ: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} من القرون {وَيُثْبِتُ} ما يشاء من القرون؛ قال تعالى: {كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ} [طه: ١٢٨]، وقال: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} [المؤمنون: ٣١] (٤).

وقال سعيدُ بنُ جبيرٍ: هذا في الفرائض والشَّرائع، يَنسخُ فرضٌ فرضًا، وشريعةٌ شريعةً (٥).

وقال قتادة: هو قوله: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة: ١٠٦]، الآية (٦)، يشيرُ إلى أنَّ النَّاسخ هو المثبَت، والمنسوخ هو الممحوُّ.


(١) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٣٥٩)، و"التيسير" للداني (ص: ١٣٤).
(٢) ذكره بنحوه عن ابن عباس الواحدي في "البسيط" (١٢/ ٣٧٩)، ورواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٥٦٦) عن الكلبي.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٢٩٧)، والواحدي في "البسيط" (١٢/ ٣٧٩)، و"الوسيط" (٣/ ٢٠)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ٣٣٨).
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٢٩٨).
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٢٩٨)، والواحدي في "البسيط" (١٢/ ٣٨٠).
(٦) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٥٦٧).