للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الَّتي كانت في حال كفرِه فأُبْدِلَتْ حسناتٍ، وإذا كان مسلمًا ثمَّ كفرَ في آخر عمرِه مُحِيَتْ أعمالُه الَّتي كانت صالحةً فلم ينتفِع بها (١).

وقيل: هو محو السعادة وإثبات الشقاوة وعكسهما (٢).

وعن عمرَ رضي اللَّه عنه: أنَّه كان يدعو بهذا الدُّعاء: اللَّهمَّ إنْ كُنْتَ كتبْتَ اسمي في ديوان الأشقياءِ، فامحُهُ مِن ديوان الأشقياءِ، وأثبتْهُ في ديوان السُّعداءِ، فإنَّكَ قلْتَ وقولُك الحقُّ: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} (٣).

وقيل -وهو الأوفقُ (٤) للنَّظم-: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ}؛ أي: لكلِّ وقتٍ قضاءٌ مكتوب في اللَّوحِ المحفوظِ، فكانَ في أَيَّامِ الماضيْنَ إذا سألوا آيةً مقترحةً أتاهم ذلك، فإذا لم يقبلوها استأصلَهم، كالنَّاقة لصالح، والمائدة لعيسى.

وكان في زمنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الإتيانُ بالآيات الدَّالة على حقيقته مِن غير اقتراحٍ منهم، ولم يؤْتِهم ما اقترحوه؛ لأنَّ تركَ الإيمانِ يوجبُ الاستئصال، والنَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بُعِثَ رحمةً للعالمين.

{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ}: يمحو إيتاءَ الآياتِ المقترحة، ويثبِتُ إيتاءَ الآياتِ المبتدأة لهذه الحكمة.


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٣٥٢).
(٢) في (ف): "وعكسها".
(٣) رواه البخاري في "التاريخ الكبير" (٧/ ٦٣)، والفاكهي في "أخبار مكة" (٤١٨)، والدولابي في "الكنى" (١/ ١٥٥)، والطبري في "تفسيره" (١٣/ ٥٦٣)، واللالكائي في "اعتقاد أهل السنة" (١٢٠٧).
وروى نحوه ابن فضيل في "الدعاء" (٥٢)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢٩٥٣٠)، والبيهقي في "القضاء والقدر" (٢٥٧)، عن عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه.
(٤) في (ر) و (ف): "الأزين".