للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ}: هو قولُه: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، وقوله: {تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوْا قَارِعَةً}، وقوله: {فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا}.

يقول: {فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ} ما نعدهم من الانتقام (١)؛ أي: مِن هؤلاءِ المستهزئين بك المكذِّبين لك في حياتِك {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ}؛ أي: أو أُمِتْكَ قبلَ ذلكَ وفعلْتُ بهم ذلكَ بعدَ موتِكَ، أو أخَّرْتُ عقوبَتهم إلى يومِ القيامةِ = فليس عليكَ في ذلكَ نقصٌ في نبوَّتِكَ.

وقوله تعالى: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ}؛ أيْ بتبليغ الرِّسالة، والوعيدِ بالعقوبةِ، لا تعجيلها لهم {وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ}؛ أي: وإلينا مراعاةُ أجلِها المعلوم، والإيقاعُ بهم عندَ الوقتِ المحتوم.

* * *

(٤١) - {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}.

وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا}: أي: تأخيرُ العذاب عنهم ليس للعجزِ، لأَنَّا قد أريناهم النُّقصان في أطراف بلادِهم، بخرابِ ما حولَهم مِن القُرى، وخلوِّها عن أهلِها بالقتل والسَّبي، وزوالِ سلطانِهم عنها، وضربِ الجزيةِ عليهم.

وتفسيرُ قولِه تعالى: {نَأْتِي الْأَرْضَ}؛ أي: يأتيها أمرُنا بالعذابِ، كما قال: {فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ} [النحل: ٢٦]، وقال: {أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا} [يونس: ٢٤]، ونظيرُ هذه الآيةِ قولُه: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى} [الأحقاف: ٢٧]، وقولُه تعالى: {أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الأنبياء: ٤٤]،


(١) في (ر) و (ف): "الأسقام".