للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْأَرْضُ} [البقرة: ٢٥١]، والأرضُ لا تفسدُ بنفسِها، بل وُصِفَتْ به لفسادِ أهلِها، فلذلك لا تَنْقصُ، ولكنْ وُصِفَتْ بهِ لذهابِ عُمَّارها.

ثمَّ يحتمِلُ ذلكَ علماءَ أهلِ الكتاب المتقدِّمين، والمرادُ بذِكْرِ ذلك أنَّهم إذا ذهبوا فلا بُدَّ مِن رسولٍ يعلِّمُهم الشَّرائع والآداب، ويجدِّد ما درسَ مِن الآياتِ، وإنْ أرادَ به علماءَ هذه الأمَّة ففيه تسليةٌ للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وتعزيةٌ له بما يصيبُ أمَّته (١).

وقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ}؛ أي: لا ناقضَ له، ولا رادَّ، والتَّعقيبُ: إعقاب الشَّيء بما يبطلُه.

وقوله تعالى: {وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ}: أي: إنَّ أجلَ العذابِ إذا جاءَ لى يتأخَّر عن مستحقِّه، بل هو سريعٌ عاجلٌ.

وقال القشيريُّ: النَّقص مِن أطرافِها هو موتُ الأولياء الذين إليهم يفزَعُ الخَلْقُ.

وقيل: هو ذهابُ أهلِ المعرفةِ حتَّى إذا جاء مسترشدٌ في طريقِ اللَّهِ لم يجدْ مَن يهديهِ إلى اللَّهِ تعالى (٢).

* * *

(٤٢) - {وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ}.

وقوله تعالى: {وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}: أي: بأنبيائِهم (٣)؛ بالاستهزاءِ، والتماسِ آياتِ الاقتراحِ، كما مكرَ بك هؤلاء وصوَّروا عندَ الضَّعَفة أنَّ دعوتَكَ لو كانت حقًّا لجئْتَهم بما يلتمسونَه مِن الآياتِ المقترحة.


(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٣٥٥).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٢٣٦).
(٣) في (ر) و (ف): "باستهزائهم".