للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي الخبر: أيُّ الساعاتِ أسمعُ (١)؛ أي: أحقُّ بالدعاءِ وأَرْجَى للإجابة.

وفي الحديث: لم أسمعْ قولًا أسمعَ منه (٢)؛ أي: أبلغَ وأنجعَ في القلب.

كلُّ هذا من السَّماع.

ثم معنى الآيةِ: ختَم اللَّه على آذانهم فجعلَها لا تُصغي إلى خيرٍ ولا تَعيهِ ولا تقبلُه، عقوبةً لهم على سوءِ اختيارهم وميلِهم إلى الباطل وإيثارهم.

وقول المعتزلة (٣) والجبريَّة فيه -وقد ردَدْنا (٤) قولَهم- على نحوِ ما سبق في ختم القلب (٥).

ثم قولُه: {وَعَلَى سَمْعِهِمْ} على الوحدان دون الجمع لوجوهٍ:

أحدها: أنه في الأصل مصدرٌ، والمصدر يَصلُح للواحد والاثنين والجمع، يقال: هو يَضرب ضربًا، وهما يضربان ضربًا، وهم يضربون ضربًا، وقال تعالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا} [الطارق: ١٥]، وقال تعالى: {لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١٨٠٥٩) عن مُرَّةَ بنِ كَعْبٍ -أو كَعْبِ بنِ مُرَّةَ- السُّلَمِيِّ أنه سأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أَيُّ اللَّيْلِ أَسْمَعُ؟ قال: "جَوْفُ اللَّيْلِ الآخِرُ".
(٢) انظر: "غريب الحديث"، للخطابي (١/ ١٣٤)، و"الغريبين" (مادة: سمع)، في قصة إسلام ضماد بن ثعلبة رضي اللَّه عنه. وقصة إسلام ضماد رواها مسلم (٨٦٨) دون محل الشاهد، وفيه: (لقد سمعْتُ قولَ الكَهَنَةِ، وقولَ السَّحَرةِ، وقولَ الشُّعراءِ، فما سَمِعْتُ مِثْلَ كلماتِكَ هؤلاء، ولقد بَلَغْنَ ناعُوسَ البحرِ).
(٣) في (ف): "القرامطة"، وكذا وقعت في متن (ر) لكن ضرب عليها وصححت في الهامش إلى المثبت.
(٤) "وقد رددنا": من (أ) و (ف).
(٥) في (ر): "الختم للقلب".