للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٧) - {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ}.

وقوله تعالى: {يَتَجَرَّعُهُ}؛ أي: يَزْدَرِدُهُ باستكر اهٍ واستثقالٍ لعطشِهِ وحاجتِهِ إلى الماءِ.

{وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ}: أي: لا يُمْرِئُهُ (١)، ولا يقاربُ إدخالَه حلقَه، يُقال: ساغَ لي الشَّراب، وأسغتُهُ؛ أي: أدخلْتُه جوفي بسهولةٍ.

قال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في تفسيرِها: "يُقَرَّبُ (٢) إليه فيتكرَّهُه، فإذا أُدْنِيَ منه شَوَى وجهَهُ ووقعَتْ فروةُ (٣) رأسِهِ، فإذا شربَهُ قطَّعَ أمعاءَهُ حتَّى يخرجَ مِن دُبُرِهِ، قال تعالى: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: ١٥]، وقال تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ} [الكهف: ٢٩] " (٤).

وقولُه تعالى: {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ}: قال ابنُ عبَّاسٍ: يعني في النَّارِ مِن كلِّ ناحيةٍ (٥)؛ أي: ليسَ في جسدِهِ موضعُ شعرةٍ إلَّا والموتُ يأتيه منها مِن شدَّةِ العذابِ حتَّى يجدَ طعمَ الموتِ وكُرَبَهُ.


(١) في (ف): "يمريه".
(٢) في (أ): "تفسير هذا ليقرب" وفي (ف): "تفسير هذا يقرب" بدل من "تفسيرها يقرب".
(٣) في (أ): "ووقع لحم".
(٤) رواه ابن المبارك في "الزهد" (٣١٤ - زوائد نعيم بن حماد)، ومن طريقه الترمذي (٢٥٨٣)، والنسائي في "الكبرى" (١١١٩٩)، والحاكم في "المستدرك" (٣٣٩٣) و (٣٧٠٤) وصححه من حديث أبي أمامة رضي اللَّه عنه، وقال الترمذي: حديث غريب.
(٥) رواه ابن أبي حاتم كما في "الدر المنثور" (٥/ ١٦)، وذكره السمرقندي في "تفسيره" (٢/ ٢٣٨)، والماوردي في "النكت والعيون" (٣/ ١٢٨).