للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال: وإنْ شئْتَ جعلْتَ المَثلَ صلةً، فقلْتَ: {الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ}.

وقال بعضُهم: {مَثَلُ} بمعنى: صفة؛ أي: صفةُ الكفَّار هذا أعمالُهم كرمادٍ.

قال سيبويه: في الكلام إضمار، ومعناه: وممَّا نقصُّ عليكَ {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ}، ثمَّ ابتدأ فقال: {أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ} (١).

ومعنى الآية: صفةُ الكافرين بربِّهم {أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ}؛ أي: تحبطُ أعمالُهم وتتلاشَى، فلا ينتفعُ بها أحدٌ منهم، بل تطيرُ أَعمالُهم كرمادٍ (٢)؛ أي: تذهبُ.

وقد سئلَ الإنسانُ عَن الشَّيءِ (٣)، فيُقال له: أين هو؟ فيقول: طارَ وكانَ ريحًا (٤)، فكذا قولُه: {كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ}؛ أي: كرمادٍ هاجَتْ به ريحٌ شديدةٌ (٥) في يومٍ كثيرِ الرِّياح قويِّها، فلا شكَّ أَنَّه لا يبقى مِن ذلك الرَّمادِ شيءٌ يمكِنُ أنْ يؤخذَ (٦) ويُتعلَّق به، فكذلك هؤلاء بما كسبوه في حالِ شركِهم مِن قِرى ضيفٍ، وصلةِ رحمٍ، وصدقةٍ على محتاجٍ، أو شيءٍ يُعَدُّ مثلُهُ تقرُّبًا، أو سَعوا في جمعِ مالٍ، أو إعداد عتادٍ (٧) يُنتفعُ به في دينٍ أو دنيا، فإنَّ ذلكَ يبطلُ عنهم (٨)، فلا يقدرون منه على شيءٍ؛ أي: لا يجدون له نفعًا.


(١) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس (٢/ ٢٣٠)، و"مشكل إعراب القرآن" لمكي بن أبي طالب (١/ ٤٠١)، و"البسيط" للواحدي (١٢/ ٤٣٩).
(٢) "كرماد" من (أ).
(٣) في (ف): "وقد سأل إنسان عنه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال".
(٤) في (ر) و (ف): "ريحًا فمر".
(٥) في (ر) و (ف): "الريح الشديدة".
(٦) في (ر) و (ف): "يوجد".
(٧) "عتاد" ليس في (ف).
(٨) في (ف): "بطل عنهم" وفي (ر): "بطل منهم".