للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: أي: حُجَّة، بلِ الحُجَجُ (١) كانَت للأنبياءِ.

{إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي}: استثناءٌ منقطعٌ؛ أي: لكنِّي دعوتُكم بما أوردْتُ على قلوبِكُم مِن الوساوس، {فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} (٢): فقبلْتُم ذلكَ مِنِّي واعتقدْتُموه.

{فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ}: على استجابتِكُم لي.

ولومُ النَّفْسِ على الإساءةِ أمرٌ صحيحٌ، كما يصحُّ حمدُها على الإحسانِ، قال الشَّاعر:

تبعْتُكَ إذْ عَيْنِي عليها غِشَاوةٌ... فلمَّا انجلَتْ قَطَّعْتُ نَفْسِي أَلُومُها (٣)

وقوله تعالى: {فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} ليسَ لأنَّه لا يستحقُّ الملامة، لكنْ يقول: لومُوا (٤) أنفسَكُم أولى بكم؛ إذْ أنتم الَّذين أهلكْتُم أنفسَكُم بإجابتِكُم لي طوعًا.

قوله تعالى: {مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ}: أي: بمغيْثِكُم (٥)؛ يعني: بمالكِ إغاثتكم (٦).

{وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ}: قرأ حمزةُ بكسر الياء، والباقون بالفتح (٧).


(١) في (أ): "الحجة".
(٢) "فاستجبتم لي" من (أ).
(٣) البيت للحارث بن خالد بن العاص المخزومي. انظر: "مكارم الأخلاق" لابن أبي الدنيا (٤٤٩)، و"تفسير الطبري" (١/ ٢٧١)، و"العقد الفريد" لابن عبد ربه (١/ ٢٣٨)، و"البصائر والذخائر" لأبي حيان التوحيدي (٤/ ٢٢٥).
(٤) في (ر) و (ف): "ليس لأنه لا يستحق اللوم لكن لومكم".
(٥) في (ف): "بمعينكم".
(٦) في (ف): "إعانتكم".
(٧) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٣٦٢)، و"التيسير" للداني (ص: ١٣٤).